شَارِك المَقَال

تزايد الوعي البيئي دفع العديد من دول العالم إلى إعادة تقييم سياساتها، لاسيما مع تصاعد الأصوات التي تؤكد على حتمية التحول إلى طاقة نظيفة ومستدامة.

 

هذا الوعي كان محركه كارثة تشيرنوبل النووية عام 1986، التي شكلت لحظة مفصلية غيّرت وَعي العالم بكُلفة الاعتماد المُفرط على مصادر الطاقة عالية الخطورة بعدما أُجبر عشرات الآلاف من العائلات على النزوح، وتحوَّلت مساحات شاسعة إلى أراضٍ ملوّثة لا تصلح للحياة.

 

رغم هذا الوعي، استمر الوقود الأحفوري في قيادة الاقتصاد العالمي. لكن السنوات الأخيرة بدأت تكشف ملامح الأزمة التي سببها التغيُّر المناخي نتيجة التمسك بمصادر الطاقة التقليدية. هذه الملامح تمثلت في ارتفاع غير مسبوق بدرجات حرارة، حرائق غابات متكررة، فيضانات مدمرة، وجفاف يُهدد الأمن الغذائي.

 

اليوم، أصبح العالم أمام معضلة كبيرة سببها الرئيسي المماطلة في التحول إلى الاقتصاد الأخضر. ورغم هذا المسعى “النبيل”، طرحت تساؤلات حول مدى ملائمته لدول الجنوب “النامية”. فهذا التحول يتجاوز الصورة الوردية للإصلاحات البيئية ويستلزم إصلاحات أعمق منها الاستثمار في البنية التحتية.

 

بالفعل، بدأت الاستثمارات الخضراء تفرض نفسها كلاعب رئيسي في حماية البيئة والأسواق معاً. فاعتبارًا من الربع الأول من عام 2025، شكل الاقتصاد الأخضر العالمي 8.6% من الأسهم المدرجة برأس مال سوقي إجمالي قدره 7.9 تريليون دولار أمريكي. وهذا يجعله رابع أكبر قطاع من حيث القيمة السوقية، بعد التكنولوجيا، والسلع والخدمات الصناعية، والرعاية الصحية.

 

كما تفوقت السندات الخضراء، خلال جائحة كوفيد-19، على الذهب من حيث حماية المحافظ من تقلُّبات السوق. لكن رغم هذه الإيجابيات، أظهرت الأبحاث أن الدعم الشعبي لسياسات الطاقة النظيفة يتراجع إذا طُرحت في سياق ارتفاع الأسعار والتضخم.

 

إذاً التحديات المحيطة بالتحول نحو الاقتصاد الأخضر يمكن تذليلها إذا وجدت الإرادة السياسية .. فهل يصبح هذا المسار واقعاً يوماً ما وليس مجرد شعار لمرحلة بعيدة المنال؟

شَارِك المَقَال