مشاركة

التاريخ لا يُكرِّر نفسه، لكنّه يعود بأشكال مختلفة. ففي عام 1929 كان انهيار وول ستريت نتيجة المضاربات. أما في عام 2008 فقد انفجرت أزمة الرهون العقارية، وكشفت ضعف النظام المصرفي. أما في عام 2020، فقد أوقفت جائحة كورونا العالم كله، ومع ذلك واصلت الأسواق الصمود بدعم غير مسبوق من البنوك المركزية.

 

اليوم في 2025. وضع بنك أوف أمريكا قائمة تضم 26 شركة مُهدَّدة بالموت بسبب الذكاء الاصطناعي. بينها أسماء عملاقة مثل Adobe وShutterstock وحتى Alphabet. شركات كانت بالأمس تقود السوق، اليوم تخسر 30% من قيمتها خلال أسابيع.

 

إذا كان السؤال لماذا يحدث هذا؟ فالجواب ببساطة لأن العالم أدرك أن ما تبيعه هذه الشركات يُنْتَج الآن بتكلفة أقل وسرعة أكبر ودقة أعلى، عبر نظام لا يَتْعَب ولا ينام.

 

كوكاكولا أنتجت إعلانًا كاملًا بالذكاء الاصطناعي. وMeta تعمل على أتمتة الإعلانات بالكامل. حتى شركات التوظيف تفقد 30% من قيمتها؛ لأن الخوارزميات أصبحت تختار الموظفين بدلًا من البشر.

 

هل هذا يُعدّ تطوُّرًا؟ ربما، لكنَّه انقلاب على كل شيء بُنِيَ خلال عقود. ولذا تتزايد التحذيرات. فروبرت كيوساكي Robert Kiyosaki، مُؤلِّف كتاب “الأب الغني والأب الفقير”، حذَّر من “أكبر انهيار مالي في التاريخ” مع بداية 2025؛ حيث تقفز أرقام شركات الذكاء الاصطناعي بشكل هائل. والتقييمات وصلت لمستويات يصعب استيعابها.

 

شركة NVIDIA وصلت قيمتها إلى 4.5 تريليون دولار، ليس فقط لأنها تصنع أفضل الرقائق، بل لأنها تُوفِّر البنية التحتية للمستقبل. ومَن لا يملك هذه البنية، سوف يختفي من المشهد.

 

حتى العمالقة ليسوا في مأمن من ذلك؛ فالصين مُنِعَت من استيراد رقائق إنفيديا، والاستثمارات في هذا المجال تجاوزت 400 مليار دولار. والسؤال الأخطر: ماذا لو كانت هذه الاستثمارات كلها مجرد فُقَّاعَة؟

 

التاريخ يثبت أن كل ثورة تكنولوجية تخلق فقاعات: الإنترنت في التسعينيات، العقارات في 2008، العملات الرقمية في 2021، واليوم الذكاء الاصطناعي. لكنَّ الفرق هذه المرة أن الفُقَّاعة ليست في أصل واحد، بل في كل شيء؛ في الأسهم، في السندات، في الثقة بالنظام نفسه. ولذا فالانهيار قد يحدث خلال دقائق وليس في أيام.

مشاركة



المنشورات ذات الصلة

كلمات مفتاحية