أفريقيا اليومْ ساحةْ لحربْ هادئةْ على مواردْ المستقبلْ. الكونغو في قلبْ هذا الصراعْ؛ والسبب أنها تملكْ شي يحتاجهْ العالمْ: الكُوبَالتْ.
تحتْ أراضي الكونغو ثروةْ زرقاءْ مدفونة تُساوي مستقبلْ البشريةْ. الكُوبَالْتْ، المعدنْ اللي صارْ قلبْ التكنولوجيا، إنتاجْ الكونغو 73% من إنتاجْ العالَمْ، حوالي 244 ألف طن بالسنة، أي ثلاثْ مرات أكتر من إندونيسيا اللي بالمرتبة الثانية.
هذا المعدنْ الأزرقْ ليس مجردْ مادةْ خامْ، بلْ هو العمودْ الفقريْ لكلْ بطاريةْ بسيارةْ كهربائيةْ أو هاتفْ ذكي، لذلك يُسمَّى “نَفْطْ المستقبَلْ”. ومع ذلك، الكونغوْ ما عم تستفيدْ من هذه الثروةْ، والصراعْ الحقيقي عليه بين قوتين: الصين وأمريكا.
العالمْ اليوم عم يتَّجِهْ للطاقةْ النظيفةْ، والكوبالتْ هو المِفْتَاحْ، والسيطرةْ عليه معناها السيطرةْ على اقتصادْ الغدْ.
الصينْ لم تنتظرْ، دخَلَتْ بهدوءْ، اشترتْ المناجِمْ، مَوَّلَتْ البِنْيَةْ التَّحتِيَّةْ، سيْطَرَتْ على 80% من الإنتاجْ. بَنَتْ مصانعْ التكريرْ، وأصبحتْ تتحكَّمْ بثُلُثَيْ الطاقةْ العالميةْ لتكريرْ الكُوبَالتْ. يعني سلسلةْ الإنتاجْ كلهَا تحتْ السيطرةْ، من الترابْ الإفريقي حتى البطاريةْ الجاهزةْ.
هنا بدأتْ واشنطنْ تشعر بالخَطَرْ.
أمريكا بتستوردْ 76% من احتياجاتهَا مِنَ الكُوبَالتْ، ومعظمهَا بيمُرْ عبرَ الصين. لذلك قررتْ تتحرَّكْ بسرعةْ، ضخَّتْ ملياراتْ الدولاراتْ باستثماراتْ جديدةْ في زامبيا ودولْ تانيةْ بأفريقيا، بأكثرْ من مليارَيْ دولارْ، بهدفْ بناء سلاسل توريدْ بعيدةْ عن النفوذ الصيني.
أبرزْ المشاريعْ الأمريكيةْ هو مَمَرّْ “لوبيتو” ” Lobito”، سكةْ حديدْ بتربطْ مناجمْ الكوبالت بالكونغو وزامبيا مع ميناء لوبيتو في أنغولا على المحيطْ الأطلسي، لتفتحْ طريقْ تصديرْ مباشِرْ باتجاهْ الغربْ.
البنتاغون بدأْ يشتري ويخزنْ الكوبالتْ لأولْ مرةْ منذْ الحربْ الباردةْ، بإشارةْ واضحةْ على قَلَقْ أمريكا من انقطاعْ الإمداداتْ إذا تصاعَدَ الصراعْ مع الصين.
الثروةْ المدفونةْ تحتْ ترابْ الكونغو أصبحت ساحةْ صراعْ عالمي. الصينْ بنتْ نفوذْ بصبرْ وذكاءْ، وأمريكا عم تحاولْ تكسِرْ الاحتكارْ، والكونغو صاحبةْ الثروةْ الحقيقيةْ بدأتْ تُدركْ قيمةْ هذه الثروةْ. المعدنْ الأزرقْ اللي صارْ اليومْ يُحدِّدْ منْ يقودْ العالمْ نحو المستقبَلْ.