شَارِك المَقَال

يشير التصعيد العسكري الذي تشهده محافظة السويداء السورية إلى وجود أجندة انفصالية، أو على الأقل فيدرالية لدى بعض الفصائل المسلحة، ما استدعى تدخُّلاً سريعاً من الحكومة السورية؛ لأن نجاح أيّ انفصال أو حُكم ذاتي في منطقة ما، سينتقل إلى مناطق أخرى، ما يُقوِّض وحدة الأراضي السورية.

 

رَفْع السلاح في وجه الدولة والعلاقة القوية مع إسرائيل يُعِيد للأذهان تجربة جيش «أنطوان لَحْد» في الجنوب اللبناني، وهذا ما تسعى ميليشيات “الهجري” لإقناع إسرائيل به، وبأنها تستطيع مساعدة تل أبيب في تأمين حدودها الشمالية، وتأسيس منطقة عازلة، لكن حسابات إسرائيل تختلف عن حسابات “الهجري”، ولا يمكن لهذه الميليشيات تقديم عون حقيقي.

 

تجربة جيش “لحد” لا يمكن أن تنجح في سوريا لعدة أسباب؛ أهمها أن الواقع السوري مختلف بالكامل عن الواقع السائد في لبنان سابقاً، كما أن مشروع “الهجري” بالارتهان لإسرائيل لن يَلْقَى دعماً إقليمياً أو دولياً.

 

تهريب المخدرات من مصادر الدخل الرئيسة التي تعتمد عليها بعض الفصائل المسلحة، وبَسْط سلطة الدولة على المحافظة يَعْني تفكيك شبكات التهريب، وبالتالي تضرُّر هذه الفصائل، ما يُفسِّر المعارضة الشديدة لدخول الجيش السوري.

 

الولايات المتحدة تدعم بشكل واضح استقرار سوريا، ولا تدعم أيّ محاولات انفصالية، سواء في السويداء أو في غيرها؛ كونها تسعى لاستقرارٍ تامّ لمنطقة الشرق الأوسط، ما يُمكِّنها من التركيز على الصين. كما أن الدول الإقليمية تدعم استقرار دمشق ووحدة أراضيها. لذلك مشروع “الهجري” بحكم المنتهي.

 

الدعم الإسرائيلي لميليشيات “الهجري” يمكن وَصْفه بالدعم الشكلي، ولا يهدف لتغيير المعادلات على الأرض؛ لأن تل أبيب غير مهتمة أبدًا بالتحالف مع “الهجري”، لكنّ التدخُّل الإسرائيلي كان لإرضاء الدروز في إسرائيل، خاصةً الضباط في الجيش الإسرائيلي، لذلك لن يكون هناك تدخُّل عسكري إسرائيلي حاسم. كما أن التحالفات السياسية داخل الحكومة الإسرائيلية، ومحاولة نتنياهو كسب تأييد دروز الداخل كانت من بين أسباب التدخل تل أبيب.

 

الحكومة السورية لن تتنازل عن حقّها السيادي في بَسْط سلطتها على السويداء، أو غيرها من المناطق السورية، وهذا الأمر مدعوم بتوافق دولي وإقليمي على دعم استقرار سوريا، لكون استقرارها يُعدّ مدخلاً لاستقرار الشرق الأوسط بالكامل.

 

الوضع الميداني في السويداء يتّجه نحو المعالجة النهائية، مع إقفال تام لهذا الملف، ومن المتوقع في المرحلة المقبلة أن تتم معالجة قضية “قسد”، وعندها ستكون دمشق انتهت من ترتيب البيت الداخلي من الناحية الأمنية والسياسية، ويمكن حينها التركيز بشكل أكبر على الانتعاش الاقتصادي.

 

شَارِك المَقَال