سوريا الآن في مرحلة حسَّاسة وحرجة، وإن كانت كلّ المؤشرات -حتى اللحظة- إيجابية، لكن لا يمكن تجاوز مرحلة الخطر حتى انتهاء الفترة الانتقالية، وهنا توجد ملفات عديدة تحتاج لمعالجة وإدارة، وبالتأكيد لا يمكن معالجة كلّ القضايا دفعةً واحدةً، هنا تحكم الأولوية.
الأولوية الآن لترتيب البيت الداخلي، مع التركيز على إعادة عمل المؤسسات، وضبط الأمن، ومعالجة السلاح المنتشر، وتشكيل نواة للجيش ولقوى الأمن الداخلي، وتوفير مقومات أساسية للسوريين. وهذا حتى الآن يبدو أنه يسير في سياقه الصحيح. بالتوازي مع هذه الخطوة لا بد من رسائل تطمين للدول الإقليمية والدولية، حول شكل نظام الحكم هل هو مدنيّ أو إسلاميّ أو عسكري، وتوفير ضمانات لحقوق الأقليات.
الاعتراف الدولي مرهون بسياسات وأفعال الحكومة الانتقالية وليس بأقوالها، وهذا ما تركّز عليه القوى الدولية، وحتى الآن لم يُسجّل أيّ تهديد للأقليات، والمؤشرات في هذا السياق إيجابية، وتصريح هيئة تحرير الشام أنها ستحلّ نفسها وتندمج بالجيش السوري بادرة إيجابية.
في هذا الشأن لم يُلاحَظ أيّ ردود أفعال سلبية من المجتمع الدولي، وفي الوقت نفسه لا توجد مواقف إيجابية صريحة، لكنَّ زيارة العديد من الوفود الغربية لدمشق ولقائها الحكومة الانتقالية يمكن وَصْفه بالمؤشر الإيجابي، لكن من غير المتوقع أن نشهد اعترافاً دولياً بالحكومة الجديدة قبل انتهاء المرحلة الانتقالية في مارس 2025م، لكنْ قد تزداد وتيرة العلاقات الدبلوماسية دون اعتراف رسمي.
بخصوص الجيش، يبدو أنه سيكون الجهة الوحيدة المسلَّحة في الدولة، وسيتم حلّ كلّ الفصائل ودَمْجها فيه، والقلق هنا من احتمال رفض بعض قادة الفصائل لقرار الحلّ، أو اشتراطها مكاسب سياسية، وهذا ما سيُعَقِّد الموقف، وهنا يُعدّ الموقف التركي حاسماً نتيجة علاقاتها القوية مع غالبية الفصائل.
هيكلة الجيش وتسليحه سيكون محطّ اهتمام إسرائيلي؛ خاصةً أنه حرصت على تدمير كلّ الأسلحة الإستراتيجية السورية، لذلك من المتوقع أن يكون هناك شروط بخصوص عدد جنود الجيش وطبيعة تسليحه. وفي هذه المرحلة لا تستطيع الحكومة السورية فرض أيّ شروط، عليها القبول بهذا الأمر على الأقل خلال السنوات القليلة القادمة.
موقف الدول العربية من الحكومة السورية الانتقالية ما يزال غير واضح. وهنا من المتوقع أن يكون هناك احتضان عربي، وذلك كون غياب الدور العربي سيعني تصاعد الحضور التركي، ولكن حتى الآن لا توجد مؤشرات واضحة على موقف عربي واضح.