شَارِك المَقَال

خفّض صندوق النقد الدولي من توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي لعام 2023م. في مراجعات صدرت في شهر أبريل الجاري. حيث انخفضت توقعات النمو بشكل طفيف إلى 2,8% هبوطاً من 2,9% التي توقعها في يناير الماضي. وهذا التخفيض يعزز من احتمالات المخاطر التي تواجه الاقتصاد العالمي.

ما أسباب تخفيض توقعات النمو؟

في الحقيقة يعود تخفيض التوقعات لجملة أسباب. أولها استمرار سياسة رفع سعر الفائدة في الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من دول العالم. فعلى الرغم من تهدئة وتيرة رفع أسعار الفائدة إلا أنها ما زالت مستمرة. وبشكل عام فإن رفع سعر الفائدة يؤدي لتخفيض توقعات النمو الاقتصادي.

يتمثل السبب الثاني في الأداء الضعيف لبعض الاقتصادات الكبرى. بالإضافة لتوقعات بمزيد من التشديد النقدي لمحاربة التضخم المستمر. بينما يرجع السبب الثالث إلى القلق من توسع نطاق الاضطرابات في النظام المالي. والذي قد يخفض الإنتاج إلى مستويات قريبة من الركود.

وعلى الرغم من احتواء عدوى الانهيار المصرفي بعد انهيار بنك سيلكون فالي. إلا أن الاضطرابات المصرفية عززت من حالة عدم اليقين في مستقبل الاقتصاد المالي. والقلق من تطور الاضطرابات المالية لحالة أزمة مصرفية عالمية.

يصاحب كل ذلك ارتفاع توقعات نسبة التضخم لهذا العام إلى 5,1% من 4,5%. وهو ما يعني توقعات باستمرار سياسة رفع الفائدة في العديد من دول العالم. وذلك لإبقاء توقعات التضخم تحت السيطرة.

ما سيناريوهات أزمة القطاع المصرفي؟ وما تأثيرها على معدلات النمو؟

بالطبع أثرت أزمة القطاع المصرفي العالمي بشكل حاد على توقعات النمو العالمي. وهناك مخاوف مستمرة من أن يسبب استمرار سياسة رفع سعر الفائدة في الضغط على البنوك. وأن يتكرر سيناريو إفلاس بنك سيليكون فالي.

كما أن قلق البنوك من مواجهة مصير بنك سيليكون فالي دفعها إلى التشدد في شروط التمويل. وهو ما سيؤدي لتراجع فاعلية الدعم المصرفي التمويلي للنمو الاقتصادي. هذا التشديد. بحسب توقعات صندوق النقد الدولي. يمكن أن يخصم 0.3 نقطة مئوية من النمو العالمي لعام 2023م. ويسبب تخفيضاً إضافياً في توقعات النمو إلى 2,5%.

أما السيناريو الأسوأ فهو إفلاس بنوك جديدة. وهو أمر متوقع بنسبة 15%. مما يؤدي لتخفيضات حادة بالإقراض وتراجع كبير في الإنفاق. وانتقال الأموال إلى الأصول الدولارية أو الذهب كملاذ آمن. مع تضرر الاقتصادات الصاعدة من انخفاض الطلب على الصادرات. وانخفاض قيمة العملة. وارتفاع التضخم.

هذا السيناريو يمكن أن يخفّض النمو في العام الجاري 2023م بمقدار 1,8 نقطة مئوية. ليصل إلى 1,0% وهو المستوى الذي يعني نمواً يقترب من الصفر في النمو الاقتصادي. ما يؤدي إلى تأثير سلبي قد يماثل بجزء منه التأثير الركودي للأزمة المالية التي حدثت في عام 2008م.

في النهاية إن توقعات صندوق النقد الدولي تؤكد على حالة الضبابية وعدم اليقين التي يعيشها الاقتصاد العالمي. وهي حالة بدأت منذ عام 2020م. ومستمرة حتى الآن. ومن غير المتوقع الخروج منها على المدى القريب ويمكن أن تستمر لما بعد 2024م.

شَارِك المَقَال