شَارِك المَقَال

يعد التضخم من أكثر المفاهيم الاقتصادية شيوعاً. فعلى المستوى العلمي الأكاديمي والشعبي يتم تناوله بشكل مستمر. وذلك بسبب أهميته الكبرى وتأثيره السلبي على مختلف المؤشرات الاقتصادية. ولا تخلو أي دولة من التضخم ولكن بمعدلات متفاوتة. والسؤال الأبرز هنا: ما تأثير ارتفاع معدلات التضخم على الاقتصاد العالمي؟

 

ما مفهوم التضخم؟

يُقصَد بالتضخم الارتفاع المستمر في مستوى الأسعار. وهو مصطلح حديث نسبياً. أول توثيق لحالة تضخم في العالم كان في أوروبا في القرنين السادس والسابع عشر. إذ ارتفعت الأسعار بشكل حاد. واستمرت بين عامي 1515 – 1650م. وسميت هذه الظاهرة آنذاك بثورة الأسعار.

في الحقيقة تتعدد الأسباب المؤدية للتضخم. فقد تكون ارتفاع الطلب أو انخفاض العرض. أو ارتفاع تكاليف الإنتاج بسبب ارتفاع أسعار النفط. وقد تكون بسبب ضعف كفاءة سلاسل التوريد العالمية. وقد تكون ناتجة عن سياسات سعر الفائدة. أو بسبب سياسات الحكومة المالية كالمبالغة في الاعتماد على التمويل بالعجز.

يؤثر التضخم على الحكومات والأفراد. فعلى مستوى الأفراد يؤدي لارتفاع الأسعار وتراجع القوة الشرائية للنقود. علاوة على فقدان المدخرات جزءاً من قيمتها وتراجع مستوى المعيشة. وعلى مستوى الحكومة يسبب صعوبة خدمة الدين العام وارتفاع عجز الموازنة العامة. فضلاً عن هجرة رؤوس الأموال الأجنبية وتراجع سعر صرف العملات المحلية.

بصفة عامة يُقاس التضخم بمقارنة مستوى الأسعار الحالية مع مستوى العام السابق. وهو ما يُسمى بالتضخم السنوي. وقد يقاس على أساس شهري. وعادة ما تُصدِر الحكومات تقارير دورية حول مستوى التضخم الشهري والسنوي.

 

ما أنواع التضخم؟

يقسم التضخم لأنواع عدة تبعاً لمعايير مختلفة. من أنواعه: التضخم الزاحف وهو التضخم الذي يرتفع ببطء. وهذا النوع يمكن السيطرة عليه من خلال التحكم بسعر الفائدة أو غيرها من الأدوات المالية أو النقدية. ومن أمثلته التضخم الأمريكي الذي يرتفع ببطء وحالياً تُقدر نسبته بـ 7.9%.

ومنها: التضخم الجامح. وهو التضخم الذي يتضاعف عدة مرات خلال السنة الواحدة. ويعد من أسوأ وأخطر أنواع التضخم. والسيطرة عليه صعبة وقد تحتاج لسنوات. ومن أمثلته: التضخم في فنزويلا قبل عدة سنوات. إذ بلغ التضخم عام 2019م أكثر من 1,000,000%. وسبّب أزمة سياسية واجتماعية وأمنية في البلاد.

ما الآثار الاجتماعية للتضخم؟

في الواقع لا تقتصر آثار التضخم السلبية على الجانب الاقتصادي فحسب. بل له آثار اجتماعية حادة. وفي حالة التضخم الجامح قد تتطور الآثار الاجتماعية لتؤثر على البيئة السياسية والأمنية. وقد تتسبب بسقوط الحكومات وانتشار الفقر والجريمة المنظمة.

بالطبع من أبرز الآثار الاجتماعية للتضخم: تسببه بإعادة توزيع الثروة والدخل بشكل غير عادل. ففي ظل التضخم تتآكل دخول الطبقة الوسطى والفقيرة مقابل تراكمها في أيدي الطبقة الغنية. فغالباً ما تتآكل الطبقة الوسطى في المجتمعات التي تعاني من مستويات مرتفعة من التضخم.

من هنا يُعدّ التضخم من العوامل التي تهدّد تماسك البنية الاجتماعية على المدى الطويل. وآثاره الاجتماعية غالباً ما تكون خفية. لكنها الأشد خطراً وتفوق خطورتها خطورة الآثار الاقتصادية. إلا أنه قلما يتم التركيز عليها.

شَارِك المَقَال