كيفَ ل #مُؤْتَمر_اللَّاجِئين_السُّوريِّين أن يَنجَح والمُنظِّم له من كانَ السَّبَب الرَّئِيس لتَهْجيرهم

يُشكِّل #اللَّاجِئون_السُّوريُّون أكبر أَزْمة إِنْسانيّة في العالَم، إذ بَلَغ عَدَدهم في جميع دُوَل العالَم ما يُقارِب 7 ملايين شَخْص، وخِلال سَنوات اللُّجوء تَعرَّضوا للإِهْمال المُتعمَّد من غالِبيّة دُوَل العالَم وعلى رَأْسهم دَوْلتهم الأُمّ، وفي ظِلّ هذه الظُّروف تَسْعى حُكومة #النِّظام_السُّوريّ لعَقْد مُؤتَمر دَوْليّ للَّاجِئين في دِمَشق.

يَتوزَّع #اللَّاجِئون_السُّوريُّون على عِدَّة دُوَل في العالَم مع تَركُّزهم في دُوَل الجِوار السُّوريّ، ف #تُرْكيا تَحتضِن وَحْدها 3,5 مِلْيون لاجِئ و #لبنان 1,7 مِلْيون و #العِراق 250 أَلْف و #الأُرْدنّ 1,4 مِلْيون، وعِدَّة مِئات من الآلاف في #أُورُوبّا وباقِي الدُّوَل العَربيَّة، فهُم يُشكِّلون بمَجْموعِهم أَكْثر من رُبْع عَدَد سُكَّان سُوريا.

إنَّ عَقْد مُؤتَمر للَّاجِئين يُشكِّل مِن حيث المَبْدَأ خُطْوة إيجابِيَّة، ولكن وقَبْل الحُكْم على هذا المُؤتَمر لا بُدَّ من الوُقوف على حَيْثِيَّاته، فالمُنظِّم له هو حُكُومة النِّظام التي تُشكِّل السَّبَب الرَّئِيس لتَهْجيرهم، فهل يُمكِن لمَنْ ساهَم في التَّهْجير أنْ يُساهِم في العَوْدة؟! كما أنَّ الدَّاعِم الرَّئِيس له #رُوْسيا والَّتي تُعتبَر شَرِيكًا لحُكومة النِّظام في عَملِيّة التَّهجِير.

يُمثِّل الوَاقِع الحَاليّ ل #اللَّاجِئين_السُّوريِّين لا سيَّما على المُستَوى الاقتِصاديّ تَحديًا إِنْسانيًّا للمُنظَّمات الدَّوْلية وللحُكومات، فربما كان أَجْدَى بالدُّول المُشارِكة في هذا المُؤتَمر أن تُساهِم في نَفَقات دَعْم اللَّاجِئين خاصَّة أنّ نِسَب الفَقْر بينهم تَصِل لأكثر من 70% كما أنَّ البِطالَة ارْتَفَعت بَيْنهم من 32% إلى 89% في ظِلّ أَزْمة كورونا، وأنَّ 56% منهم خَسِروا وَظَائفهم.

إنَّ الاهتِمام الدَّوْليّ باللَّاجِئين في أَدْنى قِيَمه، ف #المُفوَّضيّة_السامِيَة للأُمَم المُتَّحِدة لشُؤون اللَّاجِئين لا تَتلقَّى سَنويًّا أكثر من 1,5 مِلْيار دُولار أَمْريكيّ مُخصَّص لدَعْم #اللَّاجِئين_السُّوريِّين، على الرَّغْم من أن الحاجَة السَّنويّة لهم تَفُوق 12 مِلْيار دُولَار في الحدّ الأَدْنى، وهذا ما يَعْني أنَّ الدَّعْم الدَّوْليّ لكُلّ لاجِئ لا يتعدَّى 200 دُولَار سَنويًّا، أيْ: أقَلّ من دُولَار واحِد يوميًّا، لذلك فالدَّعْم الأَهمّ حاليًّا هو الانتِشال من الفَقْر المُدْقِع.

يُعتبَر البَيان الذي أَصْدره #الاتِّحاد_الأوروبيّ تَلْخيصا حقيقيًّا لنتائِج المُؤتَمر قَبْل انعقادِه، فهل الظُّروف الدَّاخلِية السُّورية مُهيَّأة لاستِقبال #اللَّاجئين، لا سيَّما في استمِرار العُنف والمُلاحَقة والتَّجْنيد الإِجْباريّ، ناهيك عن مُستوَى الفَقْر وعَدَم تَوفُّر مُستلزَمات الحَياة من وَقود وكَهْرباء وخُبْز وغيرِها.

لفَهْم حَقِيقيّ لهذا المُؤتَمر لا بُدّ من فَهْم الدَّوافِع الخَفِيّة لعَقْده، فهي بالتَّأكِيد ليس حُبًّا في #اللَّاجِئين، فلو كان الأَمْر كذلك لسَعتْ #حُكومة_النِّظام لتَذْليل العَقَبات التي تَمنَع عَوْدتهم، وهي عَملِيًّا تَسْعى لتَعْزيز هذه العَقَبات وزيادة حِدَّتها، فالقَضِية ليست قَضِيّة لَاجِئين بل هي قَضِيّة سِياسيّة بَحْتة.

تَسْعى #رُوسيا ومن خِلال هذا المُؤتمَر لإِعادَة طَرْح #النِّظام_السُّوريّ كمُمثِّل شَرعيّ للسُّورِيِّين، إضافةً إلى أنّ وَرَقة #اللَّاجِئين حاليًّا تُعتبَر وَرقَة الضَّغْط الأَهمّ الَّتي يُواجِهها النِّظام، فهو يَسْعى ومِن خَلْفه #روسيا لمُحاوَلة سَحْب هذه الوَرقَة من المُجتَمع الدَّوْليّ، وبالتَّالي التحرُّك سِياسيًّا وعَسْكريًّا بِحُرِّيّة أكبر، إضافةً لتَسْويقه عَالَميًّا على أنه مُهتمّ بقَضِية اللَّاجِئين.

إنَّ نَجاح أيّ مُؤتَمر للَّاجِئين مَرْهون بمُشارَكة الجِهات الفاعِلة الحَقيقِيّة فيه، ولعلّ #تُرْكيا الجِهة الأَكْثر فاعِليّة كَوْنها تَحتضِن العَدَد الأَكْبر من اللَّاجِئين، فعَدَم مشارَكَتها هي والدُّوَل الأُخْرى الَّتي تَضمّ أَعْدادًا كبيرة من اللَّاجِئين من شَأْنه إِفْراغ هذا المُؤتَمر وأيّ مُؤتَمر آخَر من فاعِليتّه.

إنَّ المُتاجَرة بقَضِيّة اللَّاجِئين واستِخدامها كوَرَقة سِياسيّة يُشكِّل جَرِيمة إِنْسانيّة تُضاف للجَرائم السَّابِقة، وهنا نؤكِّد على حَقِّهم في العَوْدة إلى بِلَادهم، ومن حَقِّهم الشُّعُور بالأَمَل تُجَاه أيّ نَشَاط قد يُفْضِي لعَوْدتهم، ولكنْ وبالتَّأكِيد فإنَّ مُحاوَلة الضَّغْط عليهم للعَوْدة في الظُّرُوف الحالِيّة يُشكِّل جَرِيمة إِنْسانيَّة بحَقِّهم لا سيَّما أنَّهم يُدفَعون للارْتِماء في أَحْضان مَن هَجَّرهم وسَبَّب أَزْمْتَهم.