مصطلح الاقتصاد الأبيض أو The Flat White Economy صاغه عالم الاقتصاد البريطاني دوجلاس ماكويليامز. ويعبر عن الاقتصاد الرقمي الذي يعتمد على الشركات الناشئة الصغيرة التي يقودها الشباب من جيل الألفية. ويعتمدون فيها على أقل الموارد المتاحة مع تعزيز روح الابتكار.
انتشر هذا المصطلح مع بداية القرن الحادي والعشرين. وزادت أهميته مع الأزمة المالية الحالية.. والسؤال هنا: ما هو الاقتصاد الأبيض؟ وما حجمه؟ وكيف يساهم في علاج الأزمة المالية الحالية؟ ومن يقود ويعمل في هذا النوع من الاقتصاد؟
الاقتصاد الأبيض هو الاقتصاد الذي أنشأه رواد الأعمال الشباب من خلال الشركات الناشئة والشركات الرقمية. وظهر هذا النوع من الاقتصاد منذ بداية القرن الجديد. يركز على العالم الرقمي. حيث تكتسب الشركات الناشئة والشركات الصغيرة من التكنولوجيا قوةً كبيرةً.
من ناحية أخرى يعتمد هذا النوع من الاقتصاد على عمليات البيع بالتجزئة والتسويق عبر الإنترنت. ويقوم به الأفراد من ذوي الدخول المتوسطة أو الأدنى. قد يكون لديهم منتج أو اثنان من المنتجات الإلكترونية باهظة الثمن. ولكن بشكل عام هم أقل مادياً من جيل آبائهم.
لكن هذا الشباب الصغير الذي يقود مشروعات صغيرة أو متناهية الصغر تعتمد على التكنولوجيا والمنتجات الرقمية في الغالب. بات الآن يقود اقتصاد العديد من الدول الكبرى.
منذ الأزمة المالية في بريطانيا ولّد هذا النوع من الاقتصاد 4 أضعاف الوظائف التي خسرتها العاصمة البريطانية في الأزمة. حيث باتت لندن تنمو أسرع مرة ونصف من هونج كونج. وفي إيطاليا وظف هذا القطاع 3,8 مليون شخص. ومن المتوقع أن ينتج آثاراً اقتصادية إيجابية لبقية الاقتصادات.
علاوةً على ذلك فإن الإنتاجية في هذا القطاع عالية جدا. حيث ينتج كل مشغل اقتصاد أبيض قيمةً مضافةً قدرها 60,000 يورو. وهي قيمة أعلى مما تسجله قطاعات الزراعة والبناء والتجارة والتموين. ويحتل القطاع المرتبة الثانية بعد قطاع التصنيع.
إضافةً إلى أن كل 100 يورو يتم إنفاقها في الاقتصاد الأبيض تولد 158 يورو من الدخل الإضافي في الاقتصاد الكلي لإيطاليا. علاوةً على ذلك فإن مقابل كل 100 وظيفة جديدة تم إنشاؤها في الاقتصاد الأبيض. يتم إنشاء 133 وظيفة أخرى في الاقتصاد الإيطالي ككل.
أصبح الاقتصاد الأبيض محركاً قوياً للنمو الاقتصادي الإيطالي. حيث يساهم بنسبة 10,7٪ من الناتج المحلي الإجمالي الوطني. ويوفر فرص عمل لأكثر من 2,4 مليون فرد. أو 10٪ من إجمالي القوى العاملة الإيطالية.
عالمياً يقدر حجم الاقتصاد الأبيض بأكثر من 20 تريليون دولار. ويتوقع له الزيادة خلال السنوات القليلة المقبلة.
في الحقيقة تظهر أهمية الاقتصاد الأبيض في ظل معاناة البنوك والقطاعات التقليدية من حالة التدهور الاقتصادي. فيما يستمر هذا النوع من الاقتصاد في النمو بمعدلات قياسية.
كما تظهر أهميته في وجود شركات عملاقة. مثل ميتافيرزا وجوجل وآبل وأمازون. والتي بدأت شركات صغيرة في مجال التكنولوجيا حتى أصبحت ما هي عليه الآن. وهو سبب كاف لتحفيز صغار رواد الأعمال على البدء والاستمرار في تطوير تلك المشروعات.
أما الأهمية الثالثة للاقتصاد الرقمي فتظهر في تقدم التكنولوجيا الرقمية بمعدلات مذهلة. من خلال تطور الطابعات ثلاثية الأبعاد والواقع الافتراضي والذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة والسحابة والهواتف الذكية والروبوتات والطائرات بدون طيار وغيرها.
أضف إلى ذلك أن طريقة الاستهلاك وسلوك المستهلكين قد تغيرت. وبات من المناسب لها هذا النوع من الاقتصاد الذي يعتمد على صغار رواد الأعمال الذين يحتاجون لمرونة أكبر لتحقيق التوازن بين العمل والحياة. وهو ما يوفره لهم هذا النوع من الاقتصاد.
في الواقع يقود هذا النوع من الاقتصاد جيل الألفية الذين ولدوا في أوائل التسعينيات. حيث يقتحمون سوق العمل بالشركات الناشئة. وتطلعاتهم الوظيفية ليست كما كانت لدى الجيل السابق. فيعتبرون الدعم المعنوي أكثر أهميةً من الراتب. ويجدون العمل المشترك أكثر جاذبية من العمل المنفرد.
كما يسعى صاحب المشروع في هذا النوع من الاقتصاد إلى توظيف الكفاءات بدلاً من جمع أصحاب الشهادات الجامعية. مع إدارة المواهب والاحتفاظ بها. وإعادة التدوير المستمر للمعرفة. وتعزيز الإبداع والمبادرة.
في النهاية ومع استمرار ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب. فقد يصبح هذا الاقتصاد قناةً مميزةً للتوظيف لكثير منهم. وأحد أهم الأسواق التي يمكن للخريجين الشباب البحث عنها للتوظيف والحصول على فرص العمل.