بصفة عامة يعد الغاز الطبيعي من أهم حوامل الطاقة. وتشير التوقعات المستقبلية لزيادة أهميته استناداً على حجم احتياطاته العالمية مقارنة بالنفط. بالإضافة إلى سهولة نقله النسبية وأضراره البيئية المنخفضة. وهو ما يجعل أهميته في ازدياد تام. إضافة لكون الخرائط الاستراتيجية باتت ترسم استناداً على أماكن توزعه وخطوط نقله. والسؤال هنا: ما أبرز فرص تركيا في شراء وتسويق الغاز القطري؟
في الحقيقة تعتمد تركيا بشكل رئيس على استيراد احتياجاتها من الغاز الطبيعي. ولذلك تستورد سنوياً أكثر من 45 مليار متر مكعب. ومن حيث مصادر الاستيراد تحتل روسيا المرتبة الأولى بنسبة 33.6%. وأذربيجان بنسبة 21.2%. وإيران بنسبة 17.1%. والنسبة الباقية تتوزع بين قطر والجزائر وغيرها.
من جهة أخرى تعد قطر ثالث أكبر مصدر للغاز الطبيعي في العالم. وتشير بعض التقارير إلى أن تركيا تتجه لزيادة وارداتها من الغاز القطري على حساب روسيا وإيران. وهذا ما أكده تقرير صادر عن “Upstream Online” المتخصص في قضايا الطاقة.
وفي الوقت نفسه تقول التقارير بأن تركيا تخطط لاستيراد 52% من حاجتها من الغاز من قطر. وذلك استجابة لعدة عوامل. منها التطور الكبير الذي تشهده صناعة الغاز في قطر. علاوة على الوفورات السعرية وتماشياً مع العلاقات السياسية الاستراتيجية بين تركيا وقطر.
في الواقع تخطط تركيا على المدى المتوسط لأن تصبح إحدى مراكز توزيع الغاز الطبيعي في العالم. ففيها يمر حالياً خطان هما خطوط باكو – تبليسي – جيهان وخط باكو – تبليسي – أرضوم. بالإضافة إلى خط تاناب والذي يعد من أهم الخطوط العالمية لنقل الطاقة. كما يشكل الغاز القطري فرصة لكل من تركيا وقطر لزيادة ثقلهما الاستراتيجي في مجال سوق الطاقة العالمي.
من جهة أخرى فإن موقع تركيا على حدود الاتحاد الأوروبي والذي يعد من أكبر أسواق الطاقة العالمية. بالإضافة إلى وجود تحديات عدة للتوريدات بين روسيا والاتحاد الأوروبي. واستخدام الطاقة كعامل ضغط سياسي روسي. كل هذا يزيد من فرص نجاح مشروع تركيا المتمثل بأن تكون مركزاً عالمياً لتوزيع للغاز الطبيعي.
في النهاية إن رغبة الاتحاد الأوروبي في تقليل الاعتماد على الغاز الروسي قد يدفعه لدعم المشروع التركي القطري. وهذا الأمر في حال نجاحه سيكون بمثابة إعادة رسم للخرائط الاستراتيجية في المنطقة. ولكن السؤال الأهم كيف ستكون ردة فعل موسكو على هذا الأمر؟. فبالتأكيد لن تسمح روسيا بسهولة بإخراجها من سوق الطاقة العالمي.