عانت الصومال من حرب أهلية استمرت لعقود. وأدت لتراجع حادّ في مختلف المؤشرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية. وعلى ما يبدو فإن العقد السابق شهد بداية تهدئة سياسية من المتوقع أن تترك آثارها الإيجابية على المؤشرات الاقتصادية. وتفتح آفاقاً جديدة للنمو. وإن كانت البلاد ما زالت تعاني من عقبات عدة ذاتية وموضوعية. ولكن الواقع الحالي للبلاد قد يبشّر بتحسن اقتصادي في السنوات المقبلة.
أدى الدستور الجديد للصومال عام 2011م. وتأسيس حكومة فيدرالية جديدة في العام الذي يليه إلى تهدئة سياسية عامة في البلاد. وخلق مساحة للتطور السياسي ومن ثم تحقيق نمو اقتصادي. مُستغلة قربها من الأسواق التجارية على البحر الأحمر. وقدرتها على تحقيق التكامل الإقليمي مع دول الجوار. فعلى الرغم من الخلافات السياسية القائمة بالفعل في المجتمع السياسي الصومالي إلا أن فكرة الفيدرالية كانت أداة فعالة نسبياً لتوزيع السلطة والموارد في البلاد. وإدارة الاختلالات التنموية بين المناطق الشمالية المستقرة والمناطق الجنوبية التي لا تزال خارجة من الصراع.
تمكن الصومال مؤخراً من القيام بعدة خطوات ساهمت بفتح آفاق مستقبلية للنمو الاقتصادي. ففي عام 2020م انضمت الصومال لمبادرة الدول الفقيرة المثقلة بالديون بهدف إعادة هيكلة ديونها. كما قامت بتسوية المتأخرات المستحقة لبنك التنمية الإفريقي وصندوق النقد الدولي والمؤسسة الدولية للتنمية. نتج عن ذلك انخفاض الدَّين الخارجي لـ 3.9 مليار دولار والتي تبلغ نسبتها 63% من الناتج المحلي الإجمالي. بعدما كانت 5.2 مليار دولار.
بهدف تشجيع المنظمات الدولية على الاستمرار في سياسة إعادة هيكلة الديون الصومالية تسعى الحكومة للمحافظة على سياسات اقتصادية تناسب المعايير الدولية. منها مواصلة تنفيذها لخطة التنمية الوطنية التاسعة (NDP9) للحد من الفقر. وتقوم بمجموعة من الإجراءات السياسية الخاصة بالدول الفقيرة المديونة التي تهدف لتعزيز شمولية التنمية والنمو والحد من الفقر.
يواصل الصومال إعادة بناء مؤسساته الاقتصادية وسط ظروف صعبة. تتضمن العملية السياسية غير المكتملة والضعف أمام الصدمات المتعلقة بالمناخ وأزمات الغذاء العالمية. واللذان يهددان التعافي من الهشاشة والضعف العام للاقتصاد الصومالي. وفي المقابل لدى الصومال العديد من الفرص للنمو الاقتصادي التي تتمثل في الاستخدام المتزايد للتكنولوجيات الرقمية. والاستثمارات المخطط لها في قطاعات مثل الطاقة والموانئ والتعليم والصحة التي يمكن أن تدعم النمو الاقتصادي وتخلق فرص العمل.
على الرغم من المساعي الحكومية لدعم المؤشرات الاقتصادية في البلاد إلا أن عقبات عدة تحد من فاعلية هذه السياسات. منها أزمة الإغلاق الاقتصادي عقب جائحة كورونا. وتضرر الزراعة بفعل أسراب الجراد والفيضانات وغيرها من العقبات. لذلك وفي ظل هذه الظروف فمن المتوقع أن يتراجع نصيب الفرد من الاستهلاك الخاص في عام 2022م. ومن المتوقع أن يبقى معدل الفقر عند 71٪ من إجمالي عدد السكان.
تبلغ قيمة برنامج مساعدات المؤسسة الدولية للتنمية التابعة للبنك الدولي للصومال 1.32 مليار دولار. يتم توجيهها إلى دعم البنية التحتية في الصومال من خلال إعادة تأهيل الطرق وخلق فرص عمل في قطاع النقل. والمساعدة في تخفيف حدة الجفاف. ودعم المدن الرئيسية التي تعاني من تدفقات النازحين. وبدعم من البنك الدولي نجحت الصومال في تحسين بيئة الأعمال. حيث اعتمدت على قوانين ولوائح تعزز الأعمال التجارية. مثل إطلاق نظام تسجيل الأعمال عبر الإنترنت. وتحسين أنظمة الدفع وإقرار لوائح جديدة للأموال عبر الهاتف المحمول. وكذلك تنفيذ قانون الاتصالات وإنشاء هيئة مستقلة للاتصالات.
على الرغم من الجهود المحلية والدولية التي تسعى لدعم عملية التنمية في الصومال. إلا أن العقبات التي تواجه هذه الجهود ليست سهلة. وفي مقدمتها العقبات السياسية والتهديدات المستمرة بعودة موجات العنف المسلح التي عصفت بالبلاد لما يقارب ثلاثة عقود. وهذا ما يتطلب دعماً مستمراً للجهود السياسية كون البيئة السياسية المستقرة تعد حاضناً رئيساً لبرامج التنمية الاقتصادية.