يبدو أن “فيسبوك” يدفع محاولة باهظة الثمن للاستثمار في طموحاته بعيدة المدى للواقع الافتراضي. والتي قد يستغرق سدادها سنوات طويلة. فبينما تستثمر الشركة المالكة لها “ميتا” بمليارات الدولارات لتكثيف عروضها في الواقع الافتراضي. مُنِيَتْ بخسائر كبيرة مؤخراً بعدما هوى سهم الشركة الأم بنحو 22.8%.
تتمثل مشكلة الميتا الرئيسية في فكرتها التي تعتمد على اندماج الهوية الرقمية للفرد ومكانه المادي في العالم. حيث تهدف لنقل الأشخاص لوسائل التواصل الاجتماعي أو التعامل مع الألعاب عبر منصات مختلفة بأسمائهم الحقيقية. وهي فكرة يصعب تبنيها على نطاق واسع في عالم التواصل الاجتماعي الذي يعجّ بمخاوف كبيرة من انتهاكات الخصوصية.
على الرغم من أن الربع الرابع من العام الماضي تم ضخ ما يقرب من 1.9 مليار دولار من رأس المال في الشركات الناشئة في برامج الواقع الافتراضي. وهو ما جعل عام 2021م ثاني أفضل عام للاستثمار في الواقع الافتراضي. مع ما يقرب من 3.9 مليار دولار من المشاريع القادمة إلى الشركات الناشئة. إلا أن النتائج المالية لميتا فيرزا كانت مخيّبة للآمال.
السؤال الذي يتبادر إلى الذهن في تلك الحالة لماذا تراجعت الأسهم رغم ارتفاع مؤشرات الشركات العالمية العاملة في مجال الواقع الافتراضي. والتي يبدو أنها استفادت من مصطلح ميتا فيرزا أكثر من شركة فيسبوك نفسها التي غيرت اسمها إلى ميتا في أكتوبر الماضي.
نتائج “ميتا” المالية للربع الرابع من العام الماضي 2021م جاءت أقل من التوقعات. حيث تراجع صافي الأرباح بنحو 8%. مسجّلة 10.3 مليار دولار. بربحية للسهم بلغت 3.67 دولار. مقارنة مع توقعات كانت عند 3.84 للسهم. وعزت ذلك لشروط الخصوصية الجديدة لدى “آبل” والمنافسة الشديدة من “تيك توك”.
منتج الفيديو القصير الخاص بـ”تيك توك” يحظى بشعبية أكبر من “ميتا”. ويؤثر على قدرة “ميتا” على تحقيق الدخل من منتجها “ريلز”. ليس “ميتا” فقط بل وغيرها من شركات التكنولوجيا الأخرى الشهيرة التي تراجعت أسهمها. مثل: “سناب” (16%) و “بينتر ريست” (8%).
من جهة أخرى أبلغت “ميتا” عن تباطؤ النمو في أعمالها الإعلانية الأساسية. والتي لا تزال تشكل نحو 99.5% من إجمالي إيراداتها. وهذا يتناقض مع مستقبل الشركات التكنولوجية العملاقة المنافسة مثل: “أبل” و”أمازون” و”جوجل”. التي حققت في السنوات الأخيرة إيرادات كبيرة من أجزاء جديدة من أعمالها.
رغم التباطؤ الحاصل في نمو ميتا بعد الدخول في مجال الواقع الافتراضي. إلا أن الشركات التي تعزز تلك الفكرة بدأت في النمو المتسارع. فشركة مثل ManageXR ومقرها في ولاية سان فرانسيسكو. وتعمل على إدارة أجهزة الواقع الافتراضي. تحولت من شركة ناشئة إلى كبيرة بأكثر من 100 عميل في حوالي 10 أشهر من إطلاق مصطلح الميتا فيرزا.
علاوة على ذلك فهناك المزيد من الشركات مفتونة بفكرة استخدام الواقع الافتراضي في جوانب مثل المبيعات والتدريب والتأهيل. ففي أكتوبر 2021م أعلنت شركة Accenture إحدى أكبر الشركات الاستشارية في العالم. أنها ستحصل على 60.000 سماعة رأس تعزز الواقع الافتراضي لتدريب الموظفين.
كما تتضمن الأمثلة أيضًا شركة ماجيك ليب صانعة التكنولوجيا القابلة للارتداء ومقرها ولاية فلوريدا. والتي جمعت أكثر من 500 مليون دولار في أكتوبر الماضي. كما دشنت شركة Niantic ومقرها سان فرانسيسكو منصات الواقع المعزز. بقيمة 300 مليون دولار في نوفمبر الماضي.
يمثل الاهتمام المتجدد بتقنية الواقع الافتراضي بحسب خبراء التقنية تحسيناً لجودة الأجهزة والقدرة على تمكين الشركات من استخدام الواقع الافتراضي. وليس العيش. ورغم خروج هذا الاهتمام من استثمارات شركة ميتا المباشرة. ولم يساعدها في تحقيق أرباح لشركة لكنه يظل مؤشراً مهماً على نجاحها في المستقبل القريب.